نساء في مواقع المسئولية
ترى آرتي كابور سينج أن الأفلام الهندية استمرت، منذ أن بدأت تحظى بقبول الجماهير على نطاق واسع، في طرح معالجات نقدية للأدوار التي تقوم بها المرأة و الأدوار المختلفة للجنسين بوجه عام. وقد تغيرت النظرة العامة تجاه المرأة أخيراً ، وأصبحت أكثر تفهماً وقبولاً لقيام الشخصيات النسائية بأداء أدوار غير تقليدية.
وهناك العديد من الأفلام التي تناولت أمور تخص المرأة، فعلى سبيل المثال هناك فيلم يسلط الضوء على كيفية معاملة النساء في القرى الهندية عندما طالبن بضرورة توافر مرافق الصرف الصحي في المنازل، وفيلم آخر يتناول إحساس الفتيات بوصمة العار بسبب الدورة الشهرية. وكذلك يصور فيلم ثالث معركة فتاة تقع ضحية هجوم عليها باستخدام ماء النار. وهناك فيلم رابع تتساءل فيه البطلة عن تصرفات زوجها السيئة. كل هذه الأفلام مجرد أمثلة على كيفية استجابة صناعة السينما الهندية (بوليوود) للقضايا المتعلقة بحقوق المرأة. وفي حين شاركت العديد من النساء في بطولة الأفلام الهندية في الماضي، إلا أن أدوار البطولة للرجال كانت أكثر برقياً و تركيزاً. وعن تلك الظاهرة السابقة يقول الفنان آر. بالكي، الذي أخرج فيلم بادمان:”لقد ولت الأيام ترصد فيها الكاميرا في أفلام بوليوود نوعان فقط من الشخصيات النسائية: الضعيفات طيبات القلب، و النساء اللاتي تلوحن باستخدام السلاح دون أن تملكن الجرأة على استعماله.”
وترى الفنانة شبانة عزمي ، التي عاصرت تيارات السينما الموازية و التيار السائد ، أن هناك اختلافاً واضحاً في كيفية تصوير ورصد قضايا المرأة بين ما كان عليه الحال في الماضي والفترة الحالية. وتوضح شبانة عزمي قائلة: “كان هناك نوع من الالتزام بالأعراف والأدوار التي كانت سائدة في الماضي، حيث كان يتم تقديم المرأة في الأدوار النمطية التقليدية كزوجة المتسامحة أو الأم مضحية أو أخت متفهم وغيرها من الأدوار المماثلة. إنني فخورة بأن شاركت في فيلم “آرث” الذي حاول استكشاف الأدوار المركبة للمرأة. ولكن بشكل عام، مثل هذه المحاولات السينمائية في الماضي قليلة ومتباعدة. ولكن الآن الأمور تغيرت تماماً.”
الزمن تغير
لقد تطورت السينما الهندية بصورة كبيرة وتحولت من أفلام الأبيض و الأسود إلى الأفلام الملونة وكذلك تطورت الصورة التي تتناول بها أفلام السينما الهندية المرأة وقضاياها. لقد بدأت السينما الهندية تهتم برأي الجماهير ووجهة النظر المختلفة التي بدأ يتبنها المجتمع تجاه حياة المرأة والتحديات التي تواجهها، وبالتالي كان لازماً على السينما أن تعكس هذا الواقع الجديد. لقد أصبح الجمهور اليوم أكثر وعياً بما يقدم له من أعمال ولا يليه تناول المسليات مثل الفشار و الكوكاكولا. ومن ثم، أصبح للمشاهد عين ترصد و تنقد بدقة كل ما يقدم إليه على الشاشة.
ونجد أن أدوار النساء في السينما الهندية قد تغيرت اليوم بصورة كبيرة وبعدة طرق. فيبدو أن الحركة النسائية قد نبهت وسائل الإعلام إلى كفاح المرأة بصورة عامة في الحياة، الأمر الذي جعل هناك اهتمام بتسليط الضوء على قضاياها. على مر السنوات القليلة الماضية، تغيرت أدوار النساء في الأفلام الهندية التجارية، ومنحت العديد من الأفلام الرائجة النساء أدوار مهمة في العمل السينمائي. ولكن السؤال المهم هو: ما الذي تعنيه هذه الأدوار؟!

تسليط الضوء على الواقع
تؤكد الممثلة فيديا بالان، التي كانت شاركت في العديد من الأفلام التي دار ركزت على الأدوار النسائية: “في وقت سابق، كانت الأفلام الهندية تقدم النساء ككائن خاضع للقيم التقليدية و السلطة الذكورية. وقد اتضح ذلك في قصر توصيف النساء في الأعمال السابقة على النواحي الخارجية دون الاهتمام بالجوهر. ومع ذلك، لم تستلم النساء وأصبح لهن اليوم دوراً بارزاً بصورة متزايدة على أرض الواقع. وأصبحت النساء تمتلكن شخصية قوية تمكنهن من عيش الحياة وفقا لشروطهن الخاصة.”

إن شخصية المرأة القوية التي يتم تصويرها في بوليوود هي نوع من النساء موجود في العالم في الواقع، ولم تعد بوليوود اليوم تقدم الشخصية التقليدية المسطحة كما كان يتم تصويرها في الأفلام السابقة. وأصبحت الشخصيات النسائية أكثر واقعية. وفي هذا الصدد، يقول المخرج السينمائي سانجاي ليلا بهنسالي: “في بلد مثل الهند يٌحدد فيها مصائر الأفلام كل يوم خميس أو يوم الجمعة عند العرض، لا يمكن إصدار تصريحات شاملة تدعي أن صورة المرأة في بوليوود شهدت تقدماً أو تراجعاً. وبالنسبة لي كمخرج، فقد جذبتني كثيرا شخصية المرأة القوية. لا يمكنني مقاومة وضع المرأة في صدارة العمل. ومن أمثال تلك الأفلام فيلم بادماوات الذي لعبت فيه شخصية مثل ماستاني دوراً محورياً.”
شهدت السنوات القليلة الماضية ظهور شخصيات نسائية في العديد من الأفلام – كوين و ذات ديرتي بيكيتشر و كاهاني و تومهاري سولو و غيرها الكثير من الأفلام. وتضيف فيديا بالان قائلة:”في الواقع ، أصبح هذا التغيير واضحاً جداً الآن لأنه تم تقديمه بصورة تدريجية للمشاهد.”

السيناريو المستقبلي
لا يمكن القول إن هذا كل شئ، لأن هناك دائما مجال للتحسين. ويقول الممثل كانجانا رانوت: “السينما الهندية تحب عدم المخاطرة فيما يتعلق بالنواحي التجارية للعمل الفني. ومن ثم، فإن اتباع منهج متوازن هو أفضل طريقة. ويتضمن هذا النهج تقديم مزيج من الدراما العائلية والأغاني والرقص وقصص الحب والنهايات السعيدة والميلودراما وغيرها من العناصر الفنية في العمل السينمائي. ومن ثم، نجد أنه لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به لتحقيق التوازن بين سوء تمثيل قضايا المرأة و أدوار النساء في أفلامنا.”
الأمر الرائع حقاً هو أن الجمهور بدأ يتقبل على نحو متزايد القصص غير التقليدية. ومع التطور الذي يشهده المجتمع وقبوله للمساواة بين الجنسين، تتقدم الأفلام الهندية وتتطور بصورة غير مسبوقة، الأمر الذي يوفر مصدر الإلهام و يقدم للجمهور نماذج يمكن الاقتداء بها.