عودة أبناء الهند العالقين
حتى خلال الوقت الذي كانت ومازالت تكافح فيه الهند للحد من انتشار فيروس كوفيد-19، كانت الحكومة الهندية منشغلة بالتخطيط لمهمة فاندي بهارات، التي تعد واحدة من أكبر عمليات الإجلاء التي شهدها العالم على الإطلاق خلال فترة انتشار الوباء الحالي. في يوم 7 مايو ، تم الإعلان من إمارة أبوظبي المرحلة الأولى من هذه المهمة الكبرى. يوضح لنا من خلال السطور التالية السفير السابق/ أنيل وادهوا التفاصيل الخاصة بهذه المهمة التي تعمل على إعادة المواطنين الهنود العالقين من دول العالم المختلفة براً و جواً وبحراً
وفي إطار جهودها لمواجهة تفشي وانتشار وباء كوفيد-19، اضطرت حكومة الهند إلى إعلان الإغلاق التام على مستوى الهند بداية من 24 مارس. وتوقفت كافة الأنشطة و الأعمال الحكومية و الصناعية والمؤسسات التجارية والمرافق العامة مثل القطارات والحافلات وكذلك تم تعليق أنشطة شركات الطيران. وتعد هذه الأزمة بالنسبة للهند البلد البالغ عدد سكانها 1.3 مليار نسمة، أزمة عضال و غير مسبوقة. وعلاوة على سكان الهند المتواجدين داخل البلاد، يوجد ما يقرب من 30 مليون هندي مغترب ممن يعيشون ويعملون ويدرسون في الخارج ، بالإضافة إلى العدد الكبير من الهنود الذين يسافرون إلى الخارج لأغراض اتمام صفقات أو لقضاء الإجازة. عندما تم تعليق أنشطة شركات الطيران بشكل تام وأغلقت العديد من دول العالم، ومن بينها الهند، حدودها ، تقطعت السبل بالعديد من المواطنين الهنود وأبناء الهند المغتربين في الدول الأجنبية. وقد شكل هذا الأمر تحدياً كبيراً بالنسبة لوزارة الشؤون الخارجية، التي تم تكليفها بمسؤولية تولي هذا الملف بالتعاون مع وزارات أخرى في الحكومة مثل الطيران المدني و الداخلية، وذلك للعمل على ترتيب العودة الآمنة للمواطنين الهنود إلى البلاد.
وتولت وزارة الشئون الخارجية جزء كبير من مسؤولية تنسيق مسألة عودة المواطنين الهنود. واستجابت الوزارة على الفور لهذا التكليف و تم إنشاء خلية لإدارة أزمة كوفيد يعمل بها أكثر من 100 فرد و مسئول للتنسيق الفعال لهذا الجهد الضخم. وتم تعيين مسئولين على مستوى سكرتير إضافي أو ما يساوي في المسمى الوظيفي مساعد أول وزير الشئون الخارجية للقيام بأعمال التنسيق مع حكومات الولايات و مناطق تجمع أبناء الهند في المهجر فيما يتعلق بأمور الحجر الصحي وغيرها من جهود إعادة المواطنين العالقين إلى أرض الوطن. وتواصل رئيس الوزراء ناريندرا مودي مع رؤساء وزراء الولايات بشأن سٌبل عودة هؤلاء المواطنين إلى بيوتهم. وقام وزير الشؤون الخارجية الهندية د/إس. جايشانكار شخصيا بمراجعة الترتيبات لتسريع الإجراءات وتسهيل جهود إعادة المواطنين الهنود إلى البلاد. وعقد نائب وزير الشئون الخارجية هارش فاردان شرينجلا مؤتمرات عبر تقنية الفيديو كونفرانس مع نواب رؤساء وزراء عدد من الولايات في إطار الجهود المبذولة لضمان التنسيق السليم للعملية.

وزير الشؤون الخارجية في الهند د/إس.جايشانكار يراجع الاستعدادات لمهمة فاندي بهارات من خلال لقاء افتراضي مع رؤساء البعثات الهندية في الخارج
ووصل عدد أبناء الهند العالقين، الذين تم تسجيل أسمائهم تمهيدا لإعادتهم إلى أرض الوطن من 100 دولة من كافة أنحاء العالم حتى يوم 25 يونية، أكثر من 513047 مواطنا بالتسجيل بالفعل للعودة إلى الهند. وكان معظم هؤلاء المواطنين المسجلين من الطلاب و أصحاب المهن وحاملي التأشيرات قصيرة الأجل مثل السائحين. كما تم تسجيل مواطنين هنود من دول مجلس التعاون الخليجي ممن استفادوا من العفو عن عدم حمل التأشير المناسبة وانقضائها. وأعطت الحكومة أولوية لأولئك الذين لديهم أسباب قاهرة للعودة مثل: فقدان الوظيفة ، وانتهاء تأشيرة السفر قصيرة الأجل ، وحالات الطوارئ الطبية ، أو في حالة وفاة أحد أفراد أسرته في الوطن، والطلاب ، والنساء الحوامل ، وكبار السن. بدأت المرحلة الأولى من المهمة من خلال تيسير عمليات مشتركة تم تنسيقها بين شركة إير إنديا و شركة إير إنديا إكسبريس والتحالف الجوي علاوة على القوات الجوية الهندية والبحرية الهندية من خلال عملية أطلق عليها اسم “سامودرا سيتو”. و في ضوء القيود الصارمة المطبقة ، والمرافق المحدودة في المطارات ، وقواعد التباعد الاجتماعي ، شهدت المرحلة الأولى تيسير 64 رحلة طيران و كذلك على متن سفن البحرية، والتي استطاع من العودة عليها أكثر من 16000 هندي أغلبهم من دول مجلس التعاون الخليجي وجنوب شرق آسيا والمملكة المتحدة و الولايات المتحدة الأمريكية.
أعداد هائلة
عاد ما يقرب من 364209 مواطن هندي خلال المراحل الثلاثة على متن 875 رحلة طيران تم إقرارها في إطار مهمة فاندي بهارات
استمرت المرحلة الأولى من مهمة فاندي بهارات من 7 مايو إلى 16 مايو، وتم خلالها تيسير 64 رحلة جوية إلى ما يقرب من 12 دولة حول العالم.
استمرت المرحلة الثانية ، التي بدأت في 16 مايو ، حتى 13 يونية بعد التمديد لتغطي ما يصل إلى 47 دولة
تتم حالياً عمليات المرحلة الثالثة من البعثة لإعادة المواطنين الهنود العالقين من الدول المختلفة.
من المقرر أن تبدأ المرحلة الرابعة من مهمة فاندي بهارات في 3 يوليو وستستهدف الدول، التي بها عدد كبير من الهنود العالقين
وزادت عمليات الرحلات الجوية التي تم وضعها في الجداول لإعادة البحارة وأفراد أطقم العمل من السفن بصورة كبيرة. فقد تم حتى يوم 25 يونيه إعادة حوالي 130061 فرد منهم باستخدام رحلات مجدولة.
تعد عملية سامودرا سيتو وجهاً آخراً لعملية إعادة المواطنين العالقين، حيث ستقوم البحرية الهندية في إطار هذه العملية بإعادة المواطنين الهنود من جزر المالديف وسريلانكا وإيران
بدأت المرحلة الثانية من مهمة فاندي بهارات في 16 مايو. وخلال تلك المرحلة، تم تيسير رحلات جوية من أماكن أخرى بالإضافة إلى الوجهات السابقة مثل: دول رابطة الدول المستقلة وأوروبا وروسيا وأفريقيا وأستراليا ونيوزيلندا وكندا.

السفينة إن. آي. إس. جالاشوا على استعداد لاستعادة 700 مواطن هندي عالقين من
كما بدأت المرحلة الثالثة من مهمة فاندي بهارات في يوم 12 يونيه ولا تزال جارية حتى الآن. وفي إطار هذه المرحلة ، كانت هناك زيادة كبيرة في عدد شركات الطيران الخاصة والرحلات الجوية. كما ارتفع عدد عمليات إعادة المواطنين العالقين إلى الوطن ، مع استخدام الهند لمنشآت الحجر الصحي بشكل أكثر كفاءة.
وتلعب السفارات والمفوضيات العليا والقنصليات الهندية في الخارج دوراً محورياً للغاية في مهمة فاندي بهارات. لقد قامت تلك الهيئات الدبلوماسية بتدشين خطوط مساعدة مخصصة ومتعددة ، ونشطوا على منصات وسائل التواصل الاجتماعي من أجل التواصل مع المواطنين الهنود الذين تقطعت بهم السبل في الدول التي تعمل بها تلك الهيئات. ساهمت السفارات الهندية في جميع أنحاء العالم بشكل كبير في توفير الإقامة والطعام للمواطنين الهنود العالقين. كما اتصلت البعثات الهندية بالحكومات المحلية في دول اعتمادهم لمساعدة المواطنين الهنود على تمديد تأشيراتهم القصيرة المدة لتجنب الإقامة غير القانونية في تلك الدول. وكان على مسئولي تلك الهيئات الهندية الدبلوماسية العمل على التأكد من مراعاة إجراءات التشغيل القياسية، التي وضعتها وزارة الداخلية ووزارة الطيران المدني في الهند، وإبلاغ الركاب العائدين بتلك الإجراءات ووجوب الالتزام بها.
قامت الهند بعدة عمليات إجلاء واسعة النطاق في الآونة الأخيرة. وشملت تلك العمليات إرساء جسر جوي من الكويت، وعملية رهط من اليمن، بالإضافة إلى بعثات إجلاء المواطنين العالقين من العراق وليبيا. وبمجرد اكتمال مهمة فاندي بهارات وعملية “سامودرا سيتو”، ستكون عمليات إعادة المواطنين الهنود إلى أرض الوطن أثناء جائحة كوفيد-19 هي الأكبر على الإطلاق و الأكثر نجاحاً في التاريخ الحديث.