الاقتصاد

الأزمة...من محنة إلى منحة

القضية 03, 2020

الأزمة...من محنة إلى منحة

فيناياك سوريا سوامي |مؤلف

القضية 03, 2020


في الوقت الذي تتصدى فيه البلاد لمحنة انتشار فيروس كوفيد-19، دعا رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى العمل بقوة من أجل جعل الهند دولة تعتمد على ذاتها، وذلك من خلال سلسلة من التدابير وحزم الإغاثة الاقتصادية

مع ظهور جائحة فيروس كورونا المستجد، ظهر نظام اقتصادي عالمي جديد وبدأت الدول تتعايش معه تدريجياً. كان رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي سريعًا في إدراك هذا الأمر، وبالتالي قام بتغيير السياسات الحالية وقدم العديد من المبادرات متعددة القطاعات لتعزيز رؤية الاقتصاد الهندي، الذي يبلغ حجمه 5 تريليون دولار أمريكي. وأكد مودي مجدداً في خطاب ألقاه مؤخرا: ” إن الهند لن تقف مكتوفة الأيدي أو ترفع راية الاستسلام في مواجهة الأزمة التي تسبب فيها فيروس كوفيد-19.” ثم، دعا رئيس الوزراء الأمة الهندية إلى العمل من أجل تحويل هذه المحنة إلى منحة أو بمعنى آخر تحويل هذه الأزمة إلى فرصة لجعل الهند دولة تعتمد على ذاتها. كما أعلن رئيس الوزراء مودي عن حزمة إغاثة تبلغ 20 تريليون روبية هندية (أي ما يعادل 10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للهند) بهدف جعل البلاد دولة معتمدة على ذاتها في ظل المنافسة المستعرة في سلسلة التوريد العالمية. تهدف خطة الهند للاعتماد على الذات. وستكون الخطوة الأولى هي اتخاذ تدابير مؤقتة مثل ضخ السيولة والتحويلات النقدية المباشرة للعمال المهاجرين وأصحاب الأجور اليومية. في المرحلة الثانية ، ستجعل الإصلاحات طويلة الأجل في القطاعات الحرجة للنمو تلك هذه القطاعات تنافسية وجذابة على مستوى العالم.

رئيس الوزراء مودي يلقي الكلمة الافتتاحية في الدورة السنوية 125 لمؤتمر اتحاد الصناعات الهندية عبر تقنية الفيديو كونفرانس ، في نيودلهي في 2 يونيو

البدء بصورة سليمة

سرعان ما تم تحقيق رؤية  رئيس الوزراء مودي بجعل الهند  أمة قادرة وفعالة ومعتمدة على ذاتها، وأدرك الهند ما جاء في مبادرة أتمانيرابهار بهارات (الهند تعتمد على ذاتها). ويتم حاليا إدخال بعض الإصلاحات الفورية في على مستوى سياسة صنع القرار لتعزيز القدرات المحلية و زيادة رقعة الإنتاج. تركز مبادرة أتمانيرابهار بهارات على بناء سلاسل القيمة الكاملة للمنتجات المحلية، التي ستمكن المصنعين المحليين من تحقيق النمو والازدهار دون مساعدة خارجية وتقليل الحاجة إلى الواردات.

كما حددت مبادرة أتمانيرابهار بهارات قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر ، اعتماد على بمساهماته الكبيرة في الناتج المحلي الإجمالي ونسبته في الصادرات والعمالة، باعتباره مجال أساسي لتحقيق الانتعاش الاقتصادي والوصول إلى أعلى درجة من الكفاءة.

وسيتم تمكين أكثر من 500 مليون كيان لإعادة تشغيل العمليات الصناعية والوقوف مرة أخرى إلى أقدامهم من خلال إدخال إصلاحات مهمة على قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر. وتشمل هذه الإصلاحات تقديم قروض بدون ضمانات (بإجمالي 3000 مليار روبية هندية)، و200 مليار روبية هندية في شكل قروض ثانوية لإحياء الأنشطة التجارية وضخ ما يقرب من 500 مليار روبية هندية في القطاع من خلال العديد من الصناديق الجديدة التي يتم إنشاؤها.

رئيس الوزراء يطلق منصة “الأبطال”، وهي منصة تكنولوجية لتمكين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية في الصغر، في نيودلهي، في 1 يونيو

فرص متساوية

وفي إطار العمل على تعزيز الإنتاج المحلي وتوسيع الصادرات عالية الجودة ، فإنه سيتم استبدال نظام صادرات البضائع من الهند بنظام إلغاء الرسوم والضرائب على الصادرات لتعويض أوجه القصور والتكاليف المرتبطة بالبنية التحتية لتصدير السلع التي يتم إنتاجها و تصنيعها في الهند. وتهدف الحكومة إلى تعظيم هذه المكاسب حتى تستفيد منها الكيانات، التي لديها القدرة على خلق فرص العمل.

 رؤية جديدة

أما بالنسبة لقطاع الفضاء الهندي فقد أصبح مستفيداً مباشراً من حيث استخدام المرافق والبنية التحتية الرئيسية لمنظمة أبحاث الفضاء الهندية، وهي وكالة الفضاء الهندية التي تديرها الدولة. وتأتي هذه الخطوة كإضافة إلى مبادرة “نقل التكنولوجيا” التي تقدمها منظمة أبحاث الفضاء الهندية، والتي توفر تكنولوجيا حديثة للكيانات الخاصة وكذلك تلك التي تديرها الدولة من أجل تحسين الصناعة الهندية.

وبالإضافة إلى ذلك، ستسمح هذه الخطوة أيضًا بمنح فرصة لمنظمة أبحاث الدفاع والفضاء الهندية، وهي وكالة فضاء هندية جديدة موجهة لأغراض الدفاع ، لتصبح الجهة الأساسية للتواصل مع الشركات الناشئة في مجال الفضاء.

نهج دفاعي غير معتاد

وفي خطوة كبيرة، تم تمديد مبادرة أتمانيرابهار بهارات للاعتماد على الذات إلى قطاع الدفاع في الهند، حيث تم رفع سقف الاستثمار الأجنبي المباشر من 49% إلى 74%. ومن ثم، ستتمكن الشركات المحلية من الحصول على التقنيات الحيوية والاستفادة منها الأمر الذي سيساعد في تحديث وتطوير عملية الإنتاج التي أصبحت هامة للغاية.

وسيكون على منظمة قوانين المصانع المحلية، وهي منظمة عمرها 200 عام ، أن تجتاز اختباراً صعباً  من خلال جعل عملية التصنيع من جانب المصانع المحلية تتحلى بالاستقلالية و الكفاءة مع زيادة مساحة الثقة و الاعتماد علاوة على المسائلة.

الرجوع إلى الأساسيات

في البداية ، تم التعامل مع قطاع الزراعة بصورة مساوية مع باقي قطاعات الصناعة في الهند، وقامت الحكومة الهندية بالإعلان عن حزمة من الإصلاحات الرائدة في إطار مبادرة أتمانيرابهار بهارات بهدف تمكين المزارعين في جميع أنحاء الهند.

وسيستفيد الملايين من المزارعين بشكل مباشر من رأس المال الإضافي الطارئ بقيمة 300 مليار روبية هندية لتحقيق الاستقرار في الإنتاج في هذه الفترة العصيبة. ومع ضخ رأس مال بقيمة 100 مليار روبية هندية ، ستحصل شركات الصناعات الغذائية  الصغيرة على فوائد تكنولوجية مثل شركات المانجو في ولاية أوتار براديش و الزعفران في جامو وكشمير،وبراعم الخيزران في شمال شرق الهند، والفلفل الحار في ولاية أندرا براديش وغيرها) بهدف جعل الجودة والإنتاج متوافقين مع معايير هيئة سلامة الأغذية والمعايير في الهند.

</p dir=”rtl”>مع الإعلان عن الإصلاحات والمبادرات الجديدة في إطار مبادرة أتمانيرابهار بهارات ، سيتمكن المزارعين في جميع أنحاء البلاد من الاستمتاع بفوائد مباشرة نظير عملهم الشاق

وتهدف قائمة الإصلاحات أيضا إلى الاستفادة من فائض السلع الزراعية مع إدخال تعديلات على قانون السلع الأساسية لضمان الإمداد الكافي في أوقات الندرة. وستؤدي هذه التعديلات ، من خلال الاستفادة من الفائض ومن خلال توفير الدعم للنقل إلى الأسواق التي تعاني من قصور، إلى إنشاء سلسلة عرض وطلب آمنة وحماية مصالح المزارعين الهنود.

وأكد رئيس الوزراء مودي على مبدأ دعم الإنتاج المحلي كما ذكره سوامي فيفكاناندا، وحث الهنود على استخدام المنتجات الأصلية والترويج للمنتجات الهندية في الأسواق العالمية ، مما يعزز فكرته عن “ادعم المنتج المحلي”.

منحت مبادرات مثل “الهند الرقمية” الهند الأساس الذي استطاعت من خلاله الأسر في الريف الهندي من الاستفادة من خدمات ومساعدات الحكومة في إطار مبادرة أتمانيرابهار بهارات وتلقي تلك المساعدات المقدمة مباشرة في حساباتهم المصرفية

تحتاج الهند إلى تعزيز الصادرات الحقيقية والعمل في نفس الوقت من أجل الحصول على مكانة تليق بها في النظام العالمي الناشئ. إن بذل المزيد من الجهد لن يجعل الهند تمضي فقط بخطى طبية فيما يتعلق باقتصادها البالغ قيمته 5 تريليون دولار أمريكي فحسب، بل سيضمن أيضاً حماية المصالح الهندية في السنوات القادمة.

فيناياك سوريا سوامي

فيناياك سوريا سوامي هو صحفي يقيم في دلهي. وحاصل سوامي على شهادة الهندسة قسم ميكانيكية. وعمل كمتدرب بناء سفن في البحرية الهندية. كان سوامي يمتهن الكتابة بصورة غير متفرغة. وتحول بعد ذلك إلى مهنة الصحافة لمتابعة أعماله في الكتابة حول الرحلات والسفر.
error: Content is protected !!