السكر البني الطبيعي...مُحلي صحي

السكر البني الطبيعي...مُحلي صحي

بداية من أطباق الحلويات الشتوية التقليدية وصولاً إلى مشروبات الصيف المثلجة...يحتل السكر البني الطبيعي المعروف باسم سكر جاجري مكانة خاصة في مجموعة واسعة من الوصفات والأطباق الهندية. ويمتلك هذا المُحلي الصحي مجموعة من الفوائد الصحية التي تجعل الجسد يتمتع بالعافية.

جاء فصل الشتاء وأصبح سكر جاجري موضع اهتمام في المطابخ الهندية، حيث يتم استخدامه في العديد من الوصفات والأكلات،  سواء كان في خبز جاجري كي روتي (خبز مسطح بالسكر)، أو طبق خاتي ميثي فاليان (طبق من المطبخ الجوجاراتي مكون من الفاصوليا المقلية مع جوز الهند وسكر جاجري) أو طبق باتيشبتا (طعام بنغالي شهي عبارة عن كريب رقيق محشو بجوز الهند وسكر جاجري). لقد أصبحت الأطباق الشهية المكونة من حشوة سكر جاجري من الأطباق الشائعة في المنازل الهندية.  ويحتوي سكر جاجري على نسبة عالية من الحديد وفيتامين سي، وبذلك فهو يعد بديل صحي للسكر المكرر، ويستخدم كذلك في العلاجات المنزلية للأمراض الشائعة.

ينتمي كل من السكر المكرر وسكر جاجري إلى عائلة السكر المستخرج من قصب السكر، ولكن في حين يحظي النوع الأول بمكانة كبيرة في المطبخ الهندي، فإن الأخير يعتبر أقل ظهوراً.  ووفقًا لمقال نُشر في عدد أكتوبر 2020 في مجلة الجمعية الأمريكية للتغذية، فإن إضافة السكر من أحد الأسباب الرئيسية للسمنة والاضطرابات الصحية المرتبطة بها.  ولكن يعد سكر جاجري من المواد الغنية بالمعادن والفيتامينات، ويحتوي أيضاً على الحديد والمغنيسيوم والبوتاسيوم. ويقول براناتي بولابراجادا رئيس قسم التغذية في منتجع دارانا في منطقة شليم، وهو منتجع صحي في ولاية بونيه، إن سكر جاجري أفضل علاج لاضطرابات المعدة والإمساك والسعال فهو يساعد علي تخفيف التهابات المريء والرئة.

الفوائد الصحية

يستخدم سكر جاجري بصورة تقليدية منذ قديم الزمان في علاج أعراض البرد والإنفلونزا ، كما أن استخدامه خلال الأشهر الباردة يساعد في زيادة حرارة في الجسم والشعور بالدفئ، حيث إنه يحتوي على أربعة سعرات حرارية تقريباً لكل جرام وحرق السعرات الحرارية من الطعام ينتج عنه حرارة تدفئ الجسم. وطبقاً لدراسة نٌشرت في المجلة الدولية للأبحاث الحالية في عام 2018، فإن سكر جاجري يعزز الصحة العامة لجسم الإنسان،  حيث إنه يساعد في إفراز مادة الإندورفين، ويوفر الراحة من تقلصات البطن. وعند تناوله باعتدال وبشكل منتظم، فإنه يساعد كذلك على تطهير الكبد عن طريق طرد السموم من الجسم. ويعد سكر جاجري من المواد الغنية بمضادات الأكسدة والمعادن مثل الزنك والسيلينيوم،التي تعزز المناعة في الجسم لمقاومة  العدوى. كما أنه يساعد على زيادة نسبة الهيموجلوبين في الدم. كما تضمن نسب الحديد وحمض الفوليك الموجودان في سكر جاجري المستوى الطبيعي لخلايا الدم الحمراء في الجسم وبالتالي يمنع حدوث فقر الدم. وبالإضافة إلى ذلك يعتبر سكر جاجري مصدر غني للبوتاسيوم – وهو معدن يحافظ على توازن الكهرباء في الجسم ، ويساعد على بناء العضلات وزيادة قدرة التمثيل الغذائي- ويُفضل عشاق اللياقة البدنية وأولئك الذين يهدفون إلى إنقاص الوزن استخدام سكر جاجري وذلك لأنه من الكربوهيدرات المعقدة. ويحافظ سكر جاجري على نشاط الجسم لفترة أطول من الوقت مقارنة بالسكر المكرر، الذي يعد كربوهيدرات بسيطة ويمتصه الدم على الفور.

صناعة سكر جاجري

يعتبر قصب السكر مصدراً رئيسياً لصناعة سكر جاجري، الذي يمكن اشتقاقه كذلك من عصارة نخيل التمر وعصارة جوز الهند. ومع ذلك، تعتمد جودته على تنوع قصب السكر والمعايير المتبعة في زراعته والسماد المستخدم، ومرحلة جني الثمار وعملية إخراج العصارة وغيرها أمور أخرى.و تعتبر الطريقة التقليدية والعضوية هي الطريق الأنسب والمستدامة في صناعته، حيث يُستخرج في البداية عصير قصب السكر ويُصب في وعاء كبير ويغلى مع التحريك المستمر ويتم تقليب السائل حتى يتشكل مسحوقاً كثيفاً  ويظهر المنتج النهائي بٌني اللون ويعد بديل مثالي للسكر.

تعرف على الأصناف المختلفة لسكر جاجري

يعد سكر جاجري المستخرج من قصب السكر هو النوع الأكثر استهلاكاً. أما الصنف المستخرج من النخيل الناعم الملمس فهو أكثر حلاوة وتغذية، لأنه مليء بالعناصر الغذائية والألياف التي تحفز الهضم وتوفر الراحة من الصداع النصفي والصداع. ولكن الصنف الأفضل من ذلك كله هو الذي يحتوي على نسيج متبلور مصنوع من مستخلصات طازجة وغير معالجة من عصارة جوز الهند. ويتم استخدام سكر جاجري في العديد من الوصفات التقليدية في منطقة جنوب الهند. ويقول دينيش مهاتري، رئيس الطهاة في فندق هيلتون مومباي الدولي:”يستخدم سكر جاجري أيضاً كمبرد صيفي، حيث تُعرف عصارة النخيل بتأثيراتها المبردة.” فنجد على سبيل المثال مشروب البانكام الحلو وهو من المشروبات المنعشة التي تساعد على الهضم وهو مصنوع من سكر جاجري والزنجبيل. كما يتم تحضير أطباق الحلوى اللذيذة مثل:طبق باياسام ( الأرز مع اللبن) وطبق ني أبام (طبق من جنوب الهند مصنوع من دقيق الأرز وسكر جاجري) وطبق موداك (زلابية من ماهاراشترا محشوة بجوز الهند وسكر جاجري) ويتم تحضير هذه الأطباق من أنواع مختلفة من سكر جاجري.

أصناف من الأطباق الحديثة

في ظل تزايد عدد الطهاة في جميع أنحاء البلاد، الذين يميلون إلى استخدام المنتجات الموسمية في الوصفات، وجد سكر جاجري ظهوراً جديداً وعصرياً في مجموعة حديثة من الأطباق.  فعلى سبيل المثال الشيف جويماليا بانيرجي، الذي يعيش في كولكاتا والذي ابتكر طبق نولين جورير ماديلينيز (كعكات أسفنجية صغيرة مغطاة بطبقة من سكر جاجري) وكرات لحم سمك الجمبري وسرطان البحر المطهي في صلصة جاجري الحارة.ويشير الشيف سابياساتشي جوراي المقيم في نيودلهي قائلاً: “لقد تخلصت من استخدام السكر المكرر في مطبخي. وسكر جاجري هو المُحلّي المفضل لمعظم وصفاتي لأنه يضيف نكهة وقيمة غذائية.” ولسكر جاجري طعم مميز جداً سواء كان في استخدامه لإضافة نكهة إلى الحلويات، أو تعزيز الصحة أومعالجة الأمراض- ومن ثم فإن استخداماته وفوائده لا مثيل لها. ويضيف سنهال مور،أخصائي التغذية في مستشفى بهاتيا في مومباي، قائلا:”إن سكر جاجري يحمي أعضاء الجسم الحيوية عن طريق عزلها ويحافظ على دفء الجسم، حيث يعمل سكر جاجري المستخلص من نخيل التمر على تنشيط إنزيمات الجهاز الهضمي وتحسين صحة الأمعاء.” ولحين تعافي البلاد من جائحة فيروس كوفيد-19، يمكن أن يكون هذا الطعام الخارق بمثابة هدية من السماء في أشهر الشتاء.