مزيد من التواصل مع دول شرق آسيا
بذلت الهند على مدار العقد الماضي جهوداً كبيرة نحو إرساء علاقات أقوى مع جيرانها من دول شرق آسيا. وقد سافر رئيس الوزراء ناريندرا مودي مؤخرا إلى تايلاند لحضور قمة شرق آسيا. ويلقي السفير السابق أنيل وادهوا الضوء في هذا الموضوع على أهم معالم تلك الزيارة
على مدار الأعوام القليلة الماضية ، أحرزت الهند تقدماً ملموساً في علاقاتها مع رابطة دول جنوب شرق آسيا (الآسيان) التي تضم في عضويتها 10 دول أعضاء و أطر التعاون ذات الصلة بهذه الرابطة مثل: منتدى الآسيان الإقليمي ، وقمة شرق آسيا ، وتجمع وزراء دفاع الآسيان+. بدأت الهند المسيرة من شريك حوار في عام 1996، وبعدها قطعت شوطاً كبيراً لتصبح شريك على مستوى القمة في عام 2002 ثم شريكاً استراتيجياً لرابطة الآسيان في عام 2012. وتشارك الهند مع رابطة الآسيان في أكثر من 30 حواراً عال المستوى في مجالات متنوعة. وبالإضافة إلى ذلك، حضر رئيس الوزراء ناريندرا مودي فاعليات: قمة شرق آسيا و القمة السادسة عشر بين الهند والآسيان و قمة شرق آسيا الرابعة عشرة والدورة الثالثة لقمة الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة.
علاقات استراتيجية
وخلال فاعليات قمة الآسيان-الهند، التي عقدت خلال الفترة من 2 إلى 4 نوفمبر 2019، أعرب مودي عن تقديره للتنسيق المتبادل والنظرة المستقبلية للعلاقات بين الهند و دول الآسيان الواقعة في المنطقة المطلة على المحيط الهادئ، والتي تحدد الرؤية المركزية لمنطقة جنوب شرق آسيا ككل. وأكد مودي مجدداً على أن الهند ترغب في تعزيز علاقتها مع رابطة الآسيان في مجالات: الأمن البحري والاقتصاد الأزرق والمساعدات الإنسانية والإغاثة في حالات الكوارث. وستقدم الهند 1000 منحة دراسية لدرجة الدكتوراة للدارسين من دول الآسيان في المعهد الهندي للتكنولوجيا، الذي يتخذ من نيودلهي مقراً له ، وهو أحد أكثر معاهد التكنولوجيا شهرة على مستوى العالم.

تحتاج الهند إلى تحقيق التكامل الاقتصادي بصورة أكبر مع سوق قوامه 1.85 مليار شخص هو تعداد الدول الأعضاء في رابطة دول جنوب شرق آسيا (الآسيان)، والذي يبلغ إجمالي الناتج المحلي الإجمالي لدولها 3.8 تريليون دولار. ويبلغ حجم التجارة الثنائية حاليا بين الهند ودول الرابطة 81.33 مليار دولار. وفي الوقت الذي بلغت فيه استثمارات الآسيان في الهند 68.91 مليار دولار أمريكي خلال الفترة من أبريل 2000 إلى مارس 2018 ، نجد أن الهند استثمرت 36.67 مليار دولار أمريكي في دول الآسيان خلال الفترة ما بين عامي 2007 و 2015.

ركزت قمة شرق آسيا الرابعة عشرة أيضاً على موضوعات مثل: الأمن والجريمة الإلكترونية. وتم كذلك استعراض الاتجاه المستقبلي للتعاون بين الهند وقمة شرق آسيا علاوة على تبادل وجهات النظر حول القضايا الإقليمية والدولية. واقترح رئيس الوزراء مودي مبادرة جديدة لإرساء مجال بحري آمن ومأمون في منطقة المحيط الهادئ.كما اقترح مودي كذلك مبادرة لتعزيز الاقتصاد الأزرق من خلال الاستخدام المستدام لموارد المحيطات من أجل النمو الاقتصادي. ومن بين الدول المشاركة في قمة شرق آسيا بالإضافة إلى الدول الأعضاء في الرابطة كل من: الهند والصين واليابان وجمهورية كوريا وأستراليا ونيوزيلندا والولايات المتحدة وروسيا.

موقف حازم
خلال زيارته لتايلاند، شارك رئيس الوزراء مودي في الدورة الثالثة لقمة الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة. تعد قمة الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة عبارة عن اتفاقية تجارة حرة مقترحة تضم 10 أعضاء من رابطة الآسيان إلى جانب شركائها الستة وهم: أستراليا والصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية ونيوزيلندا. ومع ذلك، أصدرت 16 من الدول المشاركة في 4 نوفمبر بياناً نقلت فيه أن 15 من هذه الدول قد اختتمت مفاوضات خاصة بالنصوص وستشرع في توقيع الاتفاقية في عام 2020. بعد سبع سنوات طويلة من المفاوضات و في ظل وجود قضايا مهمة لم يتم حلها، أصدر الوفد الهندي بياناً ختامياً ذكر فيه أن مشاركته “ستتوقف على التوصل إلى حل مرض بشأن هذه القضايا.” و في ضوء حقيقة أن دول قمة الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة يمثلون نصف سكان العالم و40 في المائة من التجارة العالمية و 35 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، فإن دول هذه القمة بمقدورهم حال تكتلهم سويا أن يشكلوا أكبر منطقة تجارة حرة في العالم حال أصبحت الهند – الدولة صاحبة ثالث أكبر اقتصاد في العالم، جزءاً من ذلك التكتل.
“شاركت الهند بشكل بناء في مفاوضات قمة الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة منذ بدايتها، لكن مشروع الاتفاقية الخاصة بدول القمة لم يعكس بالكامل الروح الأساسية والمبادئ التوجيهية المتفق عليها بين الدول الأعضاء ، لأنه لم يعالج بشكل مٌرضي القضايا العالقة ونواحي القلق التي أثارتها الهند.”
ناريندرا مودي
رئيس وزراء الهند
و في ضوء حقيقة أن دول قمة الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة يمثلون نصف سكان العالم و40 في المائة من التجارة العالمية و 35 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، فإن دول هذه القمة بمقدورهم حال تكتلهم سويا أن يشكلوا أكبر منطقة تجارة حرة في العالم حال أصبحت الهند – الدولة صاحبة ثالث أكبر اقتصاد في العالم، جزءاً من ذلك التكتل.

على هامش الزيارة
أكد رئيس الوزراء من جديد على أهمية الطريق السريع الثلاثي، الذي يربط بين الهند وميانمار وتايلاند. وأعرب مودي عن أن الهند تعمل جاهدة من أجل استكمال المشروع في الوقت المناسب.
خلال لقائه مع الجالية الهندية في بانكوك، دشن رئيس الوزراء مودي الترجمة التايلندية لكتاب الشعر الكلاسيك التاميلي “ثيروكورال” للشاعر والمؤلف ثيروفالاوفار
الشراكات الثنائية
خلال لقائه مع رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي ، ركز رئيس الوزراء مودى على حوار الهند واليابان المقبل 2+2 واجتماع القمة السنوي بين الزعيمين في ديسمبر.
تحدث رئيس الوزراء الفيتنامي نجوين شوان فووك ورئيس الوزراء مودي حول موضوعات مثل التطرف والإرهاب، وأكدا على التزامهما بدعم اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.
أكد رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون و رئيس الوزراء مودي من جديد على التزامهما بالشفافية و الحرية والانفتاح فيما يتعلق بالتعاون بين الدول المطلة على المحيط الهندي والهادئ.
تحدث مستشار دولة ميانمار أونج سان سو كيي و رئيس الوزراء مودي عن الربط الجوي بين البلدين، وخطة الهند لاستضافة الملتقى التجاري لتجمع دول كمبوديا ، ولاوس ، وميانمار وفيتنام في يانجون في ميانمار بنهاية نوفمبر 2019.
ركز اجتماع رئيس الوزراء مودي مع رئيس الوزراء الإندونيسي جوكو ويدودو على التجارة الثنائية، وأبرز الحاجة إلى فتح السوق بصورة أكبر أمام السلع الهندية.
في اجتماعه مع رئيس الوزراء التايلاندية برايوت تشان أوتشا ، أكد رئيس الوزراء مودي على تعزيز الاتصال بين البلدين بما في ذلك الاتصال المادي والرقمي.