بوليوود تغزو العالم
استطاعت السينما الهندية أن تنتشر علي نطاق واسع منذ عام 1913، عندما قدم المخرج السينمائي داداصاحب فالك أول فيلم روائي صامت وهو فيلم "راجا هاريشاندرا". ومع زيادة الإعجاب والانجذاب لأفلام بوليوود على المستوى العالمي، انتشرت الأفلام الهندية في جميع أنحاء العالم.
عندما كنت أتجول عبر سوق التوابل الكبير في إسطنبول في عام 2006 ، شعرت وكأنني في الهند، حيث تنتشر في الأروقة الروائح المألوفة من القرفة والكمون وأوراق اللورة والعديد من التوابل الأخرى. ولكن ازداد هذا الشعور كثيرا عندما استوقفني فجأة صوت بائع محلي يدعوني إلى كشكه بينما يغني “أوارا هون“! لقد سمعت أن أغنية فيلم الممثل راج كابور حققت نجاحاً كبيراً في دولة الإتحاد السوفيتي السابق.وفي ملهى ليلي في وارسو حاولت أن اتماشى مع خطوات أصدقائي البولنديين أثناء رقصهم علي إيقاع أغنية “تيري بينا كيك موجي ميلتي ناهي“، ولكني فشلت فشلاً ذريعاً! إنها حقيقة وليست مبالغة على الإطلاق. إن أصداء أغاني بوليوود تتردد في كافة دول العالم من ماليزيا إلى المغرب ، ويقوم الناس باستئجار الأفلام الهندية لمشاهدتها في كوالالامبور وكينيا، ويتم الاحتفاء بنجوم بوليوود في كافة أرجاء الكرة الأرضية من الصين إلى كولومبيا، ونجد تماثيل نجوم السينما الهندية مجسدة بالشمع في متحف “مدام توسو“.
الاتصال الوجداني
أدرك نسيم خان، وهو ناشر مقيم في كولونيا من أصل هندي–ألماني، الطلب المتزايد بشكل سريع على المعلومات المرتبطة بالسينما الهندية وجميع أفلام بوليوود. لذلك، أطلق نسيم في عام 2006 مجلة بوليوود الشهيرة باللغة الألمانية وتحمل اسم “إشق“. وقال نسيم خان، وهو شريك أيضاً في شركة توزيع فني لأفلام بوليوود: “لقد كانت مفاجأة أن أكثر من مليوني شخص يشاهدون أفلام سينما بوليوود“. ولقد كان لصناعة السينما الهندية تأثيراً كبيراً على النساء في ألمانيا. لقد لخص نسيم هذا الإقبال علي أفلام بوليوود بشكل رائع حيث قال: “لقد استطاعت أفلام بوليوود بالفعل أن تملئ فجوة كانت موجودة في المجتمع الغربي منذ 30-40 عام، حيث تفتقد أفلام هوليوود لمشاعر الحب العميق والرومانسية.وإن كانت تتسم بالقوة في استخدام التكنولوجيا، ولكنها لا تهتم كثيرا بالعواطف. لذلك، فهم يبحثون عن هذه اللحظات من المشاعر وبوليوود تستطيع ملئ هذا الفراغ الواضح.”
إضفاء مغزى علي العمل الفني
لقد برزت سينما بوليوود علي مر السنين بهويتها المميزة في صناعة السينما العالمية، حيث تشغل بوليوود مكانة رائدة على الصعيد العالمي لغزارة انتاجها الذي يبلغ 27 ألف فيلم روائي علاوة على الآلاف من الأفلام القصيرة.
نمت صناعة السينما في الهند تاريخياً بمعدل نمو يزيد عن 10٪. ومن المتوقع خلال الفترة المقبلة أن تنمو هذه الصناعة بنسبة 11.5٪ سنوياً ليصل إجمالي عوائدها إلى 238 مليار روبية هندية أي ما يعادل 3.7 مليار دولار بحلول عام 2020.
ويقول الممثل الهندي أمير خان، الذي بدأ مسيرته الفنية بفيلم “دانجال” محققا من خلاله شهرة واسعة لسينما بوليوود في الصين،:”لا تزال بوليوود غير قادرة علي تحقيق دورة ربح كاملة في السوق الخارجي للسينما، ولكنها بالتأكيد في طريقها للوصول إلى هذا الهدف. لقد أصبح الجمهور والموزعون وأصحاب صالات العرض أكثر إقبالا على محتوى الأفلام الهندية الآن مقارنة بما كان عليه الوضع في الماضي. وتتخطي جاذبية محتوى الأفلام الهندية فئة جماهير أبناء الهنود من الشتات والمغتربين في الأسواق الخارجية لتضم فئات عريضة من الجمهور.”
تفتقد أفلام هوليوود لمشاعر الحب العميق والرومانسية، وإن كانت تتسم بالقوة في استخدام التكنولوجيا. الناس يرغبون
في مشاهدة لحظات الضعف لتدمع أعينهم حيناً ويضحكون حيناً آخر. ومن ثم، فإن أفلام بوليوود الهندية تملئ هذا الفراغ الواضح.”
مكانة عالمية
بدأت بوليوود للتو بالاحتفال بشهرتها العالمية بصورة حقيقة، فلم يعد الأمر يتعلق فقط بمشاركة نجوم السينما الهندية في فاعليات مهرجان كان السينما وهم يسرن بفخر علي السجادة الحمراء، ولكن استطاعت الأفلام الهندية الآن من التواجد بقوة في العديد من المهرجانات السينمائية العالمية الأخرى. ومن بين أبرز الأعمال، التي كشفت عن إمكانات الهند السينمائية منذ سنوات، فيلم “جاي هو” لمخرج هوليود داني بويل. علاوة على ذلك، قامت مجموعة من كبار الممثلين من بوليوود وهوليوود منهم مخرج حائز على جائزة الأوسكار لم يكتف بمجرد تصوير أفلامه في الهند بل قام بعرضه الأول أيضاً في مومباي، حيث تقوم قصة الفيلم على هذه المدينة. أصبحت بوليوود تجذب العديد والعديد من المخرجين نظرا لما تضمه من شركات الإنتاج الفني، التي تتعاون مع ممثلين عالميين بجانب العديد من المخرجين الذين ينظرون لها بمثابة مصدر للإلهام! لقد أصبحت بوليوود قبلة ووجهة مفضلة على نطاق واسع، فنجد على سبيل المثال أن فنان المكياج كريستيان تينسلي (الذي عمل في أفلام مثل “كات ومان“) ، وفنانة المكياج الشهيرة دومينيك تيل التي عملت في فيلم “ذا لورد أوف ذا رينجز” أو “مملكة الخواتم” حملا حقائبهما وأدوات المكياج الخاصة بهما قبل عامين وجاءوا إلى الهند وكانوا يقومون بعمل المكياج كل يوم للفنان “أميتاب باتشان” أثناء تجسيده شخصية “أورو” في فيلم “با“.
تمتلك الهند ثاني أكبر عدد من السكان في العالم و من ثم من الطبيعي أن تمتلك هذه
الإمكانيات الهائلة، الأمر الذي يجعل للسينما الهندية و أفلام بوليوود تأثيراً عالمياً.
ربما تكون الحيوية والنشاط والهوية المختلفة تماماً التي تتمتع بها أفلام بوليوود والتي بدأت أفلام هوليود تتبع خطاها الآن هي السبب الأساسي في الانتشار الواسع للسينما الهندية. ولكن تبقى حقيقة دامغة ألا وهي أن السينما الهندية استطاعت أن تضع بصماتها على المستوى العالمي وأن تصل إلى آفاق جديدة بمرور الوقت.
