سياحة وسفر

نظرة سريعة على السياحة الريفية

القضية 06, 2020

نظرة سريعة على السياحة الريفية

بقلم: كومار أنوبهاف |مؤلف

القضية 06, 2020


في الوقت الذي بدأ فيه العالم في التعافي من جائحة كوفيد-19، فإن معايير السفر قد تغيرت بصورة كبيرة حيث زاد التركيز بصورة أكبر على السياحة الريفية. و في ظل مساعدة الحكومة الهندية لهذا التوجه، نجد أن هذا النوع من السياحة الجديدة لن يشجع فقط على تبادل الثقافة والخبرات فحسب، بل سيضمن كذلك الدعم المالي للقرى

بدأ العمل في اتخاذ بعض الإجراءات في قرية لامهي الواقعة على مشارف مدينة فاراناسي بولاية أوتار براديش من أجل البدء بالترحيب بالسياح القادمين من مختلف دول العالم مرة أخرى بعد انحسار جائحة كوفيد-19. وتشتهر قرية لامهي بين السياح المحليين بأنها مسقط رأس المؤلف الهندي الأسطوري مونشي بريمشاند، وهي من القرى الهندية المثالية الجاذبة للسياحة. ويوفر أسلوب الحياة في هذه القرية، الذي يتناقض تماما مع وتيرة الحياة المزدحمة في المدن، الفرصة للزوار للاستمتاع بسحر وجمال الحياة في القرى الهندية، الأمر الذي يجعل قرية لامهي جزءاً من دائرة السياحة الريفية، التي يتم الترويج لها في ولاية أوتار براديش.ولعل السبب في كون هذه القرية الصغيرة أكثر جاذبية كوجهة سياحية هو قربها من وجهات معروفة مثل فاراناسي ومركز الحج البوذي في سارناث. وقال مسؤول السياحة الإقليمية بولاية أوتار براديش كيرتيمان سريفاستافا في تصريحاته لوسائل الإعلام حول كيفية عمل وزارة السياحة على مستوى الولاية في إطار مشروع ضخم: “سيتم منح السياح خيار الوصول إلى هذه الوجهات الريفية على طول ضفاف نهر جانجا بالقوارب.” وقد تم وضع خطة لتطوير السياحة الريفية في فاراناسي وحولها في أوقات ما بعد انتهاء الوباء. و في إطار المبادرة، سيتم منح السائحين جولة في المناطق الطبيعية المحيطة، وسيتم اصطحابهم لمشاهدة حياة القرية في كيثي، أو نقلهم إلى قرية جايبور، التي اعتمدها رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي كقرية نموذجية سياحية.

التركيز على السياحة الريفي

وفي الوقت الذي ركزت فيه صناعة السياحة على مستوى العالم على مدى السنوات القليلة الماضية على أهمية الاستمتاع بتجارب فريدة وممتعة، نجد أنه أصبح من الشائع الآن بعد انتشار الوباء الجنوح إلى استكشاف الأماكن البكر التي لم يتم استكشافها بعد والبقاء في أحضان الطبيعة قدر الإمكان . وهذا ما حدث أيضا في الهند، حيث بدأ السائحون يكتشفون كنوز الحياة الريفية في أنحاء الهند المختلفة. وتعمل إدارات السياحة الحكومية على دعم هذا التوجه الجديد في صناعة السياحة. وتوجت هذه الجهود الحكومية على المستوى السياحي بالترويج ليوم السياحة العالمي في العام الماضي (27 سبتمبر)، الذي رفع شعار”السياحة والتنمية الريفية”.وتعمل حكومة ولاية راجستان على تطوير برامج سياحية مبتكرة لجذب السائحين من أجل الاستمتاع بخبرات فريدة من نوعها و أيضا المساعدة على خلق فرص جديدة للدخل والعمل في المناطق الريفية. وفي ولايتي بيهار وكيرالا يتم حاليا تطوير دوائر السياحة الريفية، حيث وافقت وزارة السياحة بحكومة الهند على مشروعين في هاتين الولايتين في إطار مساعيها لنقل السياحة إلى القرى في الهند. وستركز المشروعات على تطوير دائري سياحية تشمل قرى بهيتيهاروا وتشاندراهيا و توركاوليا في ولاية بيهار و ولاية كيرالا علاوة على تطوير كل ما يرتبط بتنظيم رحلة مالاناد مالابار البحرية.

في السياحة الريفية ، ينخرط الزوار في أعمال تطوعية مثل المساعدة الطبية والتعليم

سياحة وتوظيف

لا تساهم السياحة الريفية في تشجيع السياح على زيارة القرى و إثراء تجاربهم في السفر فحسب، بل أنها تعزز كذلك الاقتصاد المحلي. فعندما يصل السائحون إلى قرية ما، فإنهم ينفقون على الطعام والسكن وشراء المصنوعات اليدوية والتذكارات المحلية.لا يحصل الحرفيون المحليون والحرفيون المحليون على مشترين جدد ومباشرين لمنتجاتهم فحسب، بل يتعرفون كذلك على تعليقات مباشرة من عملائهم. وفي بعض الحالات، عندما يصل السياح من دول الخارج إلى القرى، يحصل الحرفيون المحليون على طلبات منتجات بتصميمات معينة، مما يساعدهم على تطوير عملهم.ويمكن ملاحظة التأثير الأكبر لهذا التوجه السياحي الجديد في ظهور الفنادق والأماكن المحلية المخصصة للإقامة. ومع زيادة السياحة الريفية، تم تشجيع أصحاب المنازل حتى في القرى النائية من البلاد على ترتيب إقامة السائحين مع عائلاتهم، مما يتيح للسائحين فرصة الانغماس في التقاليد والثقافة والمأكولات المحلية ، وبالتالي زيادة دخل المضيف.وتساعد السياحة كذلك في بناء علاقة تكافلية بين الجيوب الحضرية والريفية من خلال نقل المعرفة.و يمكن للمسافرين من المناطق الحضرية زيارة التجمعات الريفية ونقل معارفهم وتقنياتهم ومواردهم إليها المحلية مقابل الاستمتاع بتجربة ثقافتهم وتراثهم الأصيل. 

نرى سيدة من قرية سابالبورا النائية في راجستان ترتدي ملابس وزخارف عرقية

الأهمية الثقافية

تتمتع المجتمعات الريفية في الهند بالثراء والتنوع الثقافي والتراثي. وتعتمد هذه المجتمعات في الغالب على الزراعة لكسب عيشها ولكنها غير قادرة على الاستفادة من تراثها الثقافي، مم يؤدي إلى انقراض مختلف الفنون والحرف القديمة. وفي عالمنا اليوم، تكمن أهمية السياحة الريفية في حقيقة أن هناك العديد من المسافرين يرغبون في التعرف على هذه الأصول الثقافية المخفية. ومع ظهور هذا التوجه السياحي الجديد، يمكن أن تتمتع هذه المناطق بالاكتفاء الذاتي ماليا بصورة مستدامة.بعيداُ عن المدن الصاخبة والمواقع السياحية الشهيرة، يمكن أن تصبح القرى ملاذاً للاستمتاع بالهدوء والسكينة والعافية للمسافرين. وفي ظل وجود الكثير من الأماكن السياحية ذات الطابع الريفي في الهند والتي تتعاون فيها الحكومة مع السكان المحليين، فإنه من المؤكد أن السفر إلى القرى سيكون هو التوجه الجديد في عالم السياحة الذي يجذب الإنسان إلى العودة إلى الطبيعة.

بقلم: كومار أنوبهاف

كومار أنوبهاف هو متسلق جبال محترف يعمل مع المجتمعات الريفية في جميع أنحاء الهند،وهو أيضا المؤسس والرئيس التنفيذي لمبادرة "ليست على الخريطة" أو "نوت أون ماب"، وهي مبادرة تركز على السفر للمناطق المختلفة وتعمل على الحفاظ على التراث الثقافي للأماكن الريفية في الهند والترويج لها
error: Content is protected !!