رحلة تضئ مصابيح الأمل
في العصر الذي نعيش فيه بدأت الشركات الناشئة تلعب دوراً بارزاً. وفي هذا الصدد، نجد الشركات الناشئة العاملة في مجال التكنولوجيا النظيفة بدأت حاليا تعالج القضايا الاجتماعية، التي تؤثر بصورة مباشرة على مسيرة التنمية في المناطق الريفية في كافة أنحاء الهند
في مدرسة صغيرة في إحدى المناطق النائية في ولاية بيهار، يعلن رنين الجرس بداية اليوم الدراسي. وبينما يتدافع الطلاب في طريقهم إلى الفصول لتلقي الدروس، يمكنك رؤيتهم وهم يحملون معهم علب الصفيح المستعملة والجرار الزجاجية المتشققة والأسلاك من مختلف الأنواع ومجموعة متنوعة من المواد القابلة لإعادة الاستخدام. وفور ما يأمرهم المعلم بالتزام الصمت، يتسابقون في العمل بحماس شديد ويقومون بتجميع موادهم القابلة لإعادة الاستخدام على نحو يعكس خبرتهم مثل مكعبات الليجو، لصنع مصابيح تعمل بالطاقة الشمسية.
يصعب تصديق وجود هذا المشهد، الذي يقع في قرية بعيدة غير مزودة بالكهرباء في ولاية بيهار. ومع ذلك، فإن الأطفال يقدمون مصابيحهم بكل فخر إلى المدرس، ويشعرون بسعادة غامرة لاصطحابهم ما صنعت أيديهم إلى المنزل. يوضح جوفيندا أبادهياي ، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة ناشئة تعمل في مجال التكنولوجيا النظيفة على المستوى الاجتماعي:”هذا هو ما نهدف القيام به في شركة ليد سافاري للابتكار تحقيق اللامركزية فيما يتعلق بالطاقة الشمسية وإتاحة الوصول إلى التكنولوجيا لجميع أنحاء العالم من خلال تقاسمها بشكل ابتكاري في أبسط شكل من العلب الصفيح والأسلاك ، والتي يمكن تجميعها حتى من جانب الأطفال. لقد جاء الاسم من اللغة السواحيلية (إحدى اللغات التي يتحدث بها الناس في شرق إفريقيا) ويعني رحلة الضوء. نحن نعلم الناس كيفية صناعة مصدر الضوء الخاص بهم، ثم يقومون بتدريسه للآخرين. وبهذه الطريقة، يتم إضاءة العالم كله وينتشر التمكين.”

إضاءة الزوايا المظلمة
أدرك أوبادهياي، الذي ينحدر من قرية مادانبور الصغيرة التي كانت محرومة من الكهرباء والواقعة في منطقة آراه بولاية بيهار، أهمية الطاقة في وقت مبكر من حياته. وعن هذا الأمر يقول أوبادهياي، خبير الطاقة المستدامة الذي ظهر في مجلة فوربيز 30 في عام 2016: “لقد كان واضحاً بالنسبة لي أنه إذا أردنا جلب طاقة نظيفة ، فيجب أن يكون هذا نهجاً تصاعدياً للوصول إلى الهدف، حيث تحتاج التكنولوجيا إلى أن تتسم بالديمقراطية في توافرها وانتشارها. وبهذه الطريقة، يمكننا إحداث تغيير على مستوى القرية.

وانطلاقا من هذا الهدف، بدأت فكرة تدشين شركة ليد سافاري الناشئة للابتكار مع برامج متعددة المستويات لتدريب السكان المحليين على استخدام الطاقة النظيفة، مما ساهم بدوره في توفر فرص عمل واستخدام التكنولوجيا لمكافحة ظاهرة تغير المناخ.”
الوصول إلى المناطق النائية
في ظل التحول العالمي نحو الحد من آثار الكربون، تحتل الهند موقع الصدارة في هذا المسعى، حيث تهدف إلى الحصول على 175 جيجاوات من الطاقة المتجددة بحلول عام 2022، وهذا ما ذكَّر به رئيس الوزراء ناريندرا مودي العالم خلال قمة الأمم المتحدة للعمل من أجل المناخ لعام 2019 في نيويورك. تستثمر شركات مثل تاتا باور و مؤسسة روكيرفيلير بصورة كبيرة في هذا المجال المزدهر بصورة كبيرة، حيث أعلنتا عن اعتزمهما توفير الطاقة النظيفة لما يقرب من 5 ملايين أسرة من خلال إنشاء 10 ألاف شبكة صغيرة للطاقة المتجددة. و في ظل مثل هذا السيناريو ، يصبح دور شركة ليد سافاري للابتكار أكثر فاعلية.

يقول أوبادهياي: “إن أكبر مشكلة في فعالية الشبكات الصغيرة أو غيرها من التجهيزات الخاصة بالطاقة الشمسية في المناطق النائية هي متابعتها، حيث أن عملية الصيانة والمتابعة مكلفة ومرهقة للغاية. ومن ثم، نجد أن هناك حاجة فورية لدمج هذه الشبكات بحلول مدعومة بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء، وبالتالي يمكن زيادة العمر الافتراضي لهذه الأجهزة الخاصة بالطاقة الشمسية.” وتحقيقا لهذا الغرض، قامت شركة ليد سافاري للابتكار بتطوير جهاز يدعم أجهزة الذكاء الاصطناعي، وهو مستشعر هيليوهيلث ، وهو حل فعال من حيث التكلفة يساعد على مراقبة أسطح المنازل المركب بها الألواح الشمسية والشبكات المصغرة والصغيرة المسئولة عن توفير الطاقة النظيفة ؛ ويتابع الطاقة المخرجة من الألواح الشمسية ؛ ويبعث تقارير عن بٌعد لمقدمي خدمات الصيانة؛ و يقوم بتحليل البيانات ، ويقدم توصيات عند الحاجة لاتخاذ إجراءات تصحيحية وهي الأمور التي تحسن الناتج بنسبة 20 في المائة.
العمل في مخيمات اللاجئين
انتقل أوبادهياي خلال عمله إلى العديد من المناطق التي مزقتها الحرب ومناطق اللاجئين في إفريقيا وأمريكا الجنوبية. وعن تلك التجارب يقول أوبادهياي: ” من الخطير للغاية أن تتخلى النساء والأطفال في فترات الليل عن الإضاءة. إنهم حقا بحاجة إلى حلول بأسعار معقولة. عندما تقوم بتدريبهم على بنائها بأنفسهم، يمكنك رؤية تغيير فوري. إنهم يشعرون بالتمكين! “
خلق فرص عمل
تشارك شركة ليد سافاري للابتكار بصورة كبيرة في مجال تدريب الشباب المحلي على صيانة شبكات الطاقة الشمسية والألواح الشمسية بشكل فعال. ويقول أوبادهياي: “السكان المحليون هم المستخدمون الرئيسيون لهذه التكنولوجيا التي نقدمها، ويمكن تدريبهم أيضا كأصحاب مشاريع متناهية الصغر للحفاظ على توافر الكهرباء بصورة مستدامة. وقبل كل شيء، نحن نحدد المواقع التي لا يتوفر فيها سوى قدر ضئيل من الطاقة النظيفة والوظائف الأقل. نحن ندرب الناس على كيفية استخدام التكنولوجيا لتحسين معيشتهم. يمكن أن تتراوح عمليات تدريبهم ما بين كيفية تصميم نظام البطارية ومساعدتهم على كيفية تسخير الطاقة الشمسية واستخدامها من خلال الألواح الشمسية والمصابيح …الخ. وبهذه الطريقة نساعد على بناء أنشطة اقتصادية في المنطقة.”

وتعمل شركة ليد سافاري للابتكار من فريق محترف من الأشخاص من جميع أنحاء العالم يتسمون جميعا بالالتزام على العمل على استخدام التكنولوجيا من أجل مستقبل أكثر نظافة، على تمهيد الطريق لإيجاد حلول متكاملة وشاملة تمنح الأجيال المقبلة فرصة مواجهة ظاهرة تغير المناخ.